الحصافة الرقمية- صمام أمان السعودية في وجه تحديات التواصل.
المؤلف: هيلة المشوح11.11.2025

في هذه المرحلة الحاسمة، حيث تتصاعد الأحداث الإقليمية الخطيرة وتتشكل تحديات سياسية جمة، نشهد تباشير حقبة جديدة تنطوي على منعطفات سياسية حادة وتحولات شاملة تطال كافة الأصعدة والمستويات. المملكة العربية السعودية، في قلب هذه التغيرات المتسارعة، تقف شامخة وقوية، مستندة إلى سياسة رشيدة وحكيمة ترصد بدقة، وتستشرف ببعد نظر، وتدرس بعمق، وتستعد بكل جدية. ومع ذلك، فإن حصانتها التامة لا تكتمل إلا بتماسك وقوة جبهتها الداخلية – أي مجتمع واعٍ ومتلاحم، يدرك تمام الإدراك هذه المتغيرات وما يترتب عليها. من هنا، يتعين علينا جميعًا أن نتحلى بأقصى درجات الحذر واليقظة تجاه العديد من المؤثرات، وفي مقدمتها شبكات التواصل الاجتماعي بتنوع تطبيقاتها ومنصاتها.
لقد أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي في عصرنا الحالي بمثابة حلقة وصل تربط أجزاء العالم ببعضها البعض، تتداخل فيها الحقائق مع الادعاءات الزائفة، ويمتزج فيها الصدق بالكذب. ومن خلالها، تتشوه الصورة الحقيقية بفعل التزييف والتلفيق الذي تتيحه تقنيات الذكاء الاصطناعي، الأمر الذي أوجد حالة جديدة من التشتت الفكري وفرض المزيد من الحذر والتحقق الدقيق ورصد الواقع وكشف الحقائق بوسائل أكثر تطورًا وتعقيدًا. بناءً على ذلك، فإن التتابع المتسارع للأحداث يتطلب منا جميعًا التروي والتثبت والتحلي بالهدوء، وتجنب الانجراف وراء الاستفزازات المغرضة التي تسعى إلى جرنا وجر وطننا إلى مسارات لا نرتضيها ولا نطمح إليها، وتتعارض مع السياسة الحكيمة والمنضبطة التي عهدناها لدولة قامت على الحق والسلام، وتسعى دائمًا لنشر التهدئة عند كل أزمة سياسية في المنطقة. فالحروب والنزاعات تحيط بنا من كل جانب، بينما ننعم نحن بنعمة الاستقرار والسلام، دون عداءات أو انحيازات تتعارض مع مبادئنا السياسية الراسخة المستمدة من تاريخ عريق حافل بالمواقف المشرفة.
إن البعض – عن قصد أو غير قصد – ينجرون إلى مستوى الحملات المغرضة التي تستهدف المملكة، والتي تهدف إلى جر المواطنين السعوديين إلى مستنقعات السجالات الممنهجة والانحيازات الخاطئة، وذلك لتكوين رأي عام مشوش يهدف إلى النيل من الرأي الرسمي للدولة. وهذا أمر يستوجب الانتباه الشديد والحذر البالغ. فهناك جماعات معروفة للجميع تستغل كل حدث إقليمي أو عالمي لإقحام اسم المملكة – بصورة سلبية – والتفاعل مع هذه المحاولات كفيل بتسهيل مهمتهم وتسريع جهودهم الرامية إلى تشويه سمعتنا وسمعة قادتنا ووطننا على شبكات التواصل الاجتماعي، وذلك بدافع الحماس الخاطئ والتفاعل غير المدروس والعاطفة غير الواعية. كما أننا ندرك جميعًا أن هناك حسابات وهمية تعمل بأسماء سعودية وتدعي انتماءها للمملكة، تتحرك بخبث لإشعال نار الفتنة وإثارة التفاعلات السلبية المضادة، من خلال الإساءة إلى طرف سياسي ودعم طرف آخر، مما يخلق موقفًا يتعارض مع التوجهات السياسية للمملكة.
تمر المنطقة بمنعطف خطير وحساس للغاية، الأمر الذي يفرض علينا جميعًا تحصين أبنائنا وتقوية مجتمعنا ضد السقوط في الفخاخ المغرضة والانزلاق في مستنقعات السجالات والردود غير الواعية والانسياق وراء التضليل الذي تنشره وسائل التواصل الاجتماعي. فالاندفاع الخاطئ قد يؤدي إلى عواقب وخيمة لا تتفق مع مواقفنا الشعبية والسياسية الحقيقية والمشهودة، والتي تتسم بالاتزان والحكمة وفقًا لتاريخ طويل من الرصانة السياسية وتغليب الموضوعية في التعامل مع أي منعطف سياسي. فالوعي الفردي والتحلي بالحكمة مطلب أساسي لتبني مواقف واعية تنسجم مع سياسة وطننا الرشيدة ولا تحيد عنها قيد أنملة!
